لمفصل في فقه الدعوة إلى الله تعالى
(1)
الباب الأول- الدعوة إلى الله تعالى في القرآن الكريم
جمعها وأعدها وفهرسها
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن الدعوة إلى الله هي وظيفة الأنبياء والرسل اختار الله لها صفوة خلقه وكلفهم بإبلاغ دينه إلى أممهم. وهيأهم لحمل هذه المهمة { اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام/124]: 124]}.
وقد ختمهم بأفضل أنبيائه وأكرم رسله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولخص له هذه المهمة في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) [الأحزاب/45-47] } .
وأخبر أن هذه الدعوة هي وظيفته ووظيفة أتباعه من بعده فقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (108) سورة يوسف.
ورسم له منهج الدعوة وأسلوب البلاغ، فقال عز وجل: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل.
ومدح القائمين بها وأثنى عليهم وأخبر أنهم يمارسون أفضل عمل فقال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (33) سورة فصلت.
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بعظم الثواب فقال كما في صحيح مسلم: « مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا » (1).
فهي شرف لمن وفق لها، ولمن أخذها، فلا غرو أن يرغّب فيها، وأن يتنافس في ميادينها المتنافسون؛ طلبًا لهذا الشرف العظيم، فالمختارون لها هم سادات الأمة وفضلاؤها...
=================
أهم الكتب والمؤلفات في الدعوة إلى الله
هذا وقد ألفت كتب كثيرة في الدعوة إلى الله تعالى ، ومن أهمها :
مذكرات الدعوة والداعية للشهيد حسن البنا
كيف ندعو الناس عبد البديع صقر
تذكرة الدعاة للبهي الخولي
تذكرة دعاة الإسلام لأبي الأعلى المودوي
مع الله في الدعوة والداعية لمحمد الغزالي
جند الله ثقافة وأخلاقا للشيخ سعيد حوى
كتب الداعية الإسلامي فتحي يكن
الدعوة قواعد وأصول جمعة أمين
أصول الدعوة د - عبد الكريم زيدان
وغيرها كثير ...
==============
هذا الكتاب
وكتابي هذا جاء ليكون لبنة من اللبنات الهامة في البناء الدعوي ،فقد جمعت فيه جل ما يتعلق بهذا الموضوع الجلل .
ولم آل جهدا في الرجوع لأهم مواقع النت بغية لم شعثه ، وتأليف متفرقه .
فالنت اليوم يعتبر من أكبر النعم التي منَّ الله تعالى بها علينا وعلى الناس ، حيث إن علوم الأولين والآخرين تجمع وتصبح بين يدي الناس ، ولكن ليس كل صياد ماهر ، فالأمر يحتاج إلى خبرة واسعة ، وثقافة إسلامية هائلة ، ونضج فكري عميق ، حتى يستطيع تمييز الغثَّ من السمين ، والذهب من البهرج .
وأهم المواقع الدعوية التي أفدت منها :
موقع المختار الإسلامي
وشبكة نور الإسلام
والشبكة الإسلامية
وصيد الفوائد
وموقع كلمات
وموقع أسرة آل محمود
وموقع الإسلام سؤال وجواب
وموقع نداء الإيمان
ومنتدى طريق الإيمان
إسلام أون لاين
وغيرها كثير جدا
هذا وقد قسمت هذه الموسوعة للأبواب التالية :
الباب الأول- الدعوة إلى الله تعالى في القرآن الكريم
الباب الثاني- أركان الدعوة
الباب الثالث- خواطر دعوية
الباب الرابع- من أعلام الدعوة
الباب الخامس - دراسات في الدعو ة
الباب السادس - منوعات
الباب السابع - هندسة الدعوة
الباب الثامن - دراسات وخلاصات
الباب التاسع- استشارات دعوية
الباب العاشر - المساجد وأهميتها
الباب الحادي عشر - كشكول الدعوة إلى الله وهو أسع هذه الأبواب
هذا وكل بحث في هذا الكتاب مذيل بمصدره الأساسي .
وقد وضعتها في المكتبة الشاملة 2 ، فالبحث فيها سهل جدا
وأما ملفات الورد فقد بلغت ((ثمانية عشر جزءا )) تحتوي على أكثر من عشرة آلاف صفحة من القطع الكبير .
لذا أرجو من الله تعالى أن ينفع بها جامعها وناشرها والدال عليها وقارئها في الدارين .
قال تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (33) سورة فصلت
وقال تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل
جمعها ونسقها وفهرسها
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
في 29 جمادى الآخرة 1428 هـ = الموافق ل 14/7/207 م
الباب الأول- الدعوة إلى الله تعالى في القرآن الكريم
أولا- وجوبها على كل مسلم
عقوبة من قتل الدعاة إلى الله
__________
(1) - صحيح مسلم برقم(6980
لمفصل في فقه الدعوة إلى الله تعالى(2)
الباب الثاني- أركان الدعوة
جمعهها وأعدها
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
الباب الثاني- أركان الدعوة
التلازم بين العقيدة والدعوة
الحديث عن الدعوة ذو شجون؛ لأنك تقتفي آثار المصطفى - عليه الصلاة والسلام - في أعظم أعماله، بل الهدف من بعثته وهو دعوة الناس إلى الخير. والعجيب أن أكثر الناس يحرصون على ترسُّم خطاه في كل صغيرة وهذا حق، مثل: تحريك الأصابع في التشهد، أو الإشارة بها؛ وهذا هو الصحيح، ولكن لا يتصورون أن التأسي يكون في حركته الدعوية في المجتمع، وتنقُّله بين الديار والقبائل والمجالس حاملاً همِّ الدعوة إلى الله تعالى.
إنها مفارقة عجيبة تحتاج إلى تأمل!
وعندما نبحث عن الأسباب نجدها كثيرة، يهمنا هنا الجهل بالترابط الوثيق بين العقيدة والدعوة إلى الله تعالى، لذلك نحاول الربط بين الأمرين من خلال مسائل معينة، من أهمها في نظري:
أولاً: كلمة العقيدة كما نفهمها من لغتنا العربية تُفيد الربط والإحكام، كما قال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان}[المائدة:89]. وقال عز وجل: {أوفوا بالعُقُود}[المائدة:1]. فكيف يُتصوَّر أن ينطلق إنسان من دعوة لم تنعقد بعدُ في قلبه بشكل واضح وقوي؟ لأن الدعوة كما أنها تشريف؛ فإنها تكليف بأعباء وأثقال لا يقوى عليها إلا من تربَّى تربية عميقة على العقيدة. قال تعالى - بعد الأمر بقيام الليل -: {إنا سنُلقي عليك قولاً ثقيلاً}[المزمل:5].
وهذه فرصة للتذكير بأحد جولات النبي صلى الله عليه وسلم الدعوية، من خلال الجهاد في غزوة أحد، حيث تجلت مواقف البطولة عند أصحاب العقيدة، وتكشفت صور النكوص والهزيمة عندما ضعفت العقيدة. أترك الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حول هذا، حيث ذكر بعد حصول رجوع رأس النفاق (عبد الله بن أُبيِّ ابن سلول): "انخذل معه خلق كثير، كان كثير منهم لم ينافق قبل ذلك؛ فأولئك كانوا مسلمين، وكان معهم إيمان هو الضوء المضروب به المثل. فلو ماتوا قبل المحنة والنفاق لماتوا على الإسلام".
إذن طريق الدعوة طويل يحتاج إلى طول نفس وعمق في العقيدة، نسأل الله الثبات والإعانة.
ثانيًا: إذا لم تكن العقيدة واضحة في ذهن الداعية، فإلى أي شيء سيدعو الناس؟! .. هل سيدعوهم إلى قضايا وهمية؟ أم تناقضات عقلية؟ .. فما أجمل قوله عز وجل: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة}[يوسف:108].
لذلك رتب النبي صلى الله عليه وسلم الأولويات عند معاذ - رضي الله عنه - فقال: (وليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله).. وهذا الترتيب الشرعي في الدعوة يؤدي إلى قبول الناس للدعوة، والعمل بمقتضاها من التشريعات والأحكام، وهذا مثل جذور الش
==========
اهدنا الصراط المستقيم
في كتابه الماتع "هموم داعية" كتب الشيخ محمد الغزالي ـرحمه الله ـ مقالا في غاية الأهمية مع غاية الروعة تحت عنوان "على مسار الدعوة" وضح فيه أسسا للداعية ينبغي أن يجعلها قواعد، ومنهجا ينبغي أن يتخذه طريقا إذا أراد أن تؤتي دعوته ثمارها ويجتني الناس بعد ذلك أكلها... يقول رحمه الله:
نحن ندعو ربنا في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم، والصراط المستقيم ليس خطًّا وهميا ينشأ عن هوى الأفراد والجماعات، وإنما هو حقيقي يرسمه من الناحية العلمية: القرآن الكريم، ومن الناحية العملية: الرسول الذي حمل الوحي وطبقه وربى جيلا من الناس على عقائده وشرائعه.
والتاريخ الإنساني يشهد بقوة ووضوح أن قافلة الإسلام لزمت هذا الصراط حينًا من الدهر، وأنها قدّمت للعالم نماذج حية في بناء الخلق والمجتمع والدولة.
نعم .. كان السلف الأول عابدين لله، ذوي بصائر ترنو إليه وتستمد منه، وتنضح بالتقوى والأدب في كل عمل يباشرونه.
وكانوا - إلى ذلك- خبراء بالحياة يسوسونها بالعدل والرحمة، ويقمعون غرائز التطلع والحيف، ويرفضون ما سبق الإسلام في ميدان الحكم من فرعونية وكسروية وقيصرية، كما يرفضون ما سبق الإسلام في ميدان التديّن من شرك أو تجسيد أو تعطيل.
إن الصراط المستقيم ليس وقوف فرد في المحراب لعبادة الله وكفى، إنه جهاد عام لإقامة إنسانية توقر الله، وتمشى في القارات كلها وفق هداه، وتتعاون في السرّاء والضرّاء حتى لا يذل مظلوم، أو يشقى محروم، أو يعيث في الأرض مترف، أو يعبث بالحقوق مغرور.
السلف هم القدوة
وقد وقعت خلال القرون الطويلة انحرافات دقيقة أو جليلة! وقبل أن نتفرس في هذه الانحرافات ونتحدث عن مداها نريد أن نقرر حقيقة مهمة: إن السلف الأول وحدهم هم مصدر الأسوة، وما أجمل ما جاء عن ابن مسعود -رضى الله عنه- حين قال: "من كان مستنّا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة! أولئك أصحاب محمد (صلى الله عليه و سلم) كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوبًا وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على أثرهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
إن بعض الذين ضاقوا بالانحرافات المعاصرة في العالم الإسلامي فكروا في العودة إلى الأمس القريب، أو إلى بضعة قرون مضت! فقلت لهم: لا.. مثلنا الأعلى في القرن الأول وحده، ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه و سلم): "إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ".
معنى الاقتداء
والاقتداء بداهة ليس في ركوب الخيل والإبل، والحرب بالسيف والرمح!