26 - حدثنا جعفر قال حدثنا هدبة بن خالد القيسي ، إملاء علينا في شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين ، قال : حدثنا مبارك بن فضالة ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله المزني ، قال : حدثنا عبد الله بن رباح ، قال : حدثني أبو قتادة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير (1) والحر شديد ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سيروا فانزلوا الماء غدا فمن لم ينزل الماء غدا عطش » ، فسار الناس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وسار أبو بكر ، وعمر رضوان الله عليهما وعطش الناس ، قال : وكنت فيمن تخلف مع رسول الله ، فسرنا يومنا وليلتنا ، قال : وكان رسول الله ينعس على راحلته (2) من الليل فيميل ، فإذا خشيت أن يقع دنوت (3) منه فنبهته ، ثم أسير معه فينعس فيميل ، فإذا خشيت أن يقع دنوت منه فنبهته ، قال : فقال لي كلمة ما يسرني بها حمر النعم ، فقال : « حفظك الله بما حفظت به رسوله » حتى إذا كان عند السحر (4) عرس (5) ، وقال : « لعلنا أن نهجع (6) هجعة (7) » قال : فاستمكنا من الأرض ، وقد سرنا يومنا وليلتنا ، قال : فما أيقظنا إلا حر الشمس من الغد في ظهورنا ، فقمنا فزعين ولم نصل . قال : ففزعنا ولا عهد لنا بمثل ذلك قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يعجل مسحا فقضى حاجته ، ودعا بميضأة (
فتوضأ منها ، ثم دفع الميضأة وما فيها إلي ، فقال : « يا أبا قتادة ازدخر بهذه الميضأة فإن لها نبأ » قال : « فجعلتها بيني وبين واسطة رحلي (9) » ، قال : وفينا بلال ، فأذن بلال رحمة الله عليه ، وقام رسول الله فصلى ركعتين كما كان يصلي قبل الفجر ، ثم أقام بلال فصلى رسول الله صلاة حسنة لا يعجل فيها ، فقال : « لا تفريط (10) في النوم إنما التفريط في اليقظة » ، ثم قال : « ظنوا بالناس » قال : قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : الناس أصبحوا اليوم ليس فيهم ثلثهم ، وفيهم أبو بكر وعمر ، فقال عظم الناس : سيروا إلى الماء ورسول الله قد نزل الماء وقد عهد إليكم أنه من لم ينزل الماء غدا عطش ، قال : فقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما : لا والله ما كان رسول الله ليعجل إلى الري قبل أصحابه ، إن رسول الله لبعدكم فانتظروا ، وقال رسول الله : « إن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا » ، قال : فسرنا حتى حميت الشمس ، فإذا الناس قد أطاعوا أبا بكر وعمر فنزلوا على غير ماء فعطشوا : فلما بصروا بنا أقبلوا ، فقالوا : يا رسول الله هلكنا بالعطش ، فقال رسول الله : « لا هلك عليكم إن شاء الله ، لا هلك عليكم إن شاء الله » فوالله ما عدا أن سمعناها فاشتدت ظهورنا ، فقال : « يا أبا قتادة » قلت : لبيك (11) يا رسول الله وسعديك (12) ، قال : « هات الميضأة » ، قال : فجئت بها تخضخض قال : قلت في نفسي : وما هذه الميضأة عما ترى وما فيها ري (13) رجل قال : فأتيته بها ، فقال : « هات غمري » ، فأتيته بقدح له ، قال : فجئته به ، فقال : « اصبب بسم الله » قال : فتكفأ الناس عليه لا يرى كل إنسان إلا إنما هي شربة لمن سبق ، فلما رأى رسول الله قال : « أحسنوا ملأكم كلكم سيروى إن شاء الله » قال : فجعلت أصب ونسقي ، وأصب وأسقي وأرى الميضأة ما أصب فيها شيئا إلا فيها أكثر منه أراها تربوا حتى والله ما بقي من الجند أحد إلا قد صدر عنها ريان ، وإن رسول الله ليغرف ويمسح عن وجهه العرق ، وما يشرب حتى بقيت أنا وهو قال : « اصبب بسم الله » ، فصببت فناولني ، فقال : « اشرب » ، فقلت : يا رسول الله اشرب أنت ، ثم أشرب أنا ، قال : « ساقي القوم آخرهم » قال : فشربت ، ثم شرب وهي كما هي حدثنا جعفر قال حدثنا إبراهيم بن السامي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن بكر بن عبد الله ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ، بنحوه ، وزاد فيه : « إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عرس بليل توسد يمينه ، وإذا عرس عند الصبح نصب ساعده نصبا ووضع رأسه على كفه »
__________
(1) المسير : السير والسفر
(2) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(3) الدنو : الاقتراب
(4) السحر : الثلث الأخير من الليل
(5) التعريس : نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة
(6) هجع : نام ليلا
(7) الهجعة : النومة في وقت من الليل
(
الميضأة : مِطْهَرَةٌ كَبيرة يُتَوَضَّأ منها. والإناء الذي يُتوضأ منه كالإبريق وغيره، وهي اسم لمكان الوضوء
(9) الرحل : ما يوضع على ظهر البعير للركوب كسرج الفرس
(10) فرط في الشيء : قصر فيه وضيعه حتى فات
(11) التلبية : أصل التلبية الإقامة بالمكان ، وإجابة المنادي ، ولبيك أي إجابة لك بعد إجابة
(12) سعديك : تقال في الدعاء والمراد إسعاد لك بعد إسعاد
(13) الري : الارتواء والشبع من الماء بعد الظمأ
27 - حدثنا جعفر قال نا هدبة بن خ الد ، قال : حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ، قال : خطب رسول الله فقال : « إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء غدا إن شاء الله » قال أبو قتادة : فانطل ق الناس لا يلوي (1) أحد منهم على أحد في مسيرهم ، فإني أسير إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أبهار الليل ، فنعس رسول الله فمال على راحلته (2) ، ثم سرنا حتى إذا تهور (3) الليل مال على راحلته ميلة أخرى ، فدعمته (4) من غير أن أوقظه ، فاعتدل على راحلته ، ثم سرنا حتى إذا كان من آخر الليل مال ميلة أخرى هي أشد من الميلتين الأوليين حتى إذا كاد أن ينجفل (5) فدعمته فرفع رأسه ، فقال : « من هذا ؟ » قلت : أبو قتادة ، قال : « متى كان هذا مسيرك مني ؟ » قلت : يا رسول الله هذا مسيري منك منذ الليلة ، قال : « حفظك الله بما حفظت به نبيه » ثم قال : « أترانا نخفى على الناس ؟ هل ترى أحدا ؟ » قلت : هذا راكب وهذا آخر ، فاجتمعنا فكنا سبعة ، فمال عن الطريق ، ثم وضع رأسه وقال : « احفظوا علينا صلاتنا » ، فكان أول من انتبه بالشمس في ظهره ، فقمنا فزعين ، فقال : « اركبوا » فركبنا ، فجعل يهمس بعض لبعض ما فعلنا تفريطنا (6) في صلاتنا ، فقال رسول الله : « ما هذا الذي تهمسون دوني ؟ » قلنا : يا رسول الله ، تفريطنا في صلاتنا ، قال : « أما لكم في أسوة (7) ، التفريط ليس في النوم ، التفريط ، التفريط لمن لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى ، فإذا فعل ذلك فليصلها إذا نبه لها ، ثم ليصلها من الغد لوقتها » ثم نزلنا ، فدعا بميضأة (
كانت عندي فتوضأ وضوءا دون وضوء ، ثم صلى ركعتين قبل الفجر ثم صلى صلاة الفجر كما كان يصلي ، ثم قال : « اركبوا » ، فركبنا فانتهينا إلى الناس حين تعالى النهار - أو قال : حين حميت الشمس - شك سليمان بن المغيرة - وهم يقولون : هلكنا عطشا ، قال : « لا هلك عليكم » ثم نزل ، ثم قال : « أطلقوا إلي غمري » فأطلق له ، ثم دعا بالميضأة التي كانت عندي فجعل يصب علي وأسقيهم حتى ما في القوم أحد إلا شرب ، غيري وغيره فصب علي ثم قال : « اشرب يا أبا قتادة » قلت : يا رسول الله أشرب قبل أن تشرب ، قال : « إن ساقي القوم آخرهم ، فشربت وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله بن رباح : إني في المسجد الجامع أحدث بهذا الحديث إذ قال عمران بن حصين : » انظر أيها الفتى كيف تحدث ، فإني كنت أحد الركب تلك الليلة « ، قلت له : أبا نجيد فحدث فأنت أعلم بحديثكم ، فقال : » لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أن أ حدا حفظه كما حفظته «
__________
(1) يلوي : يميل ويعطف
(2) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(3) تهور الليل : ذهب أكثره كما يتهور البناء إذا تهدم
(4) دعمته : أسندته
(5) ينجفل : يسقط
(6) فرط في الشيء : قصر فيه وضيعه حتى فات
(7) الأسوة : القدوة
(
الميضأة : مِطْهَرَةٌ كَبيرة يُتَوَضَّأ منها. والإناء الذي يُتوضأ منه كالإبريق وغيره، وهي اسم لمكان الوضوء
28 - حدثنا جعفر قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، وسمع عبد الله ، بخسف (1) ، فقال : كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نعد الآيات بركات ، وأنتم تعدونها تخويفا ، إنا بينما نحن مع رسول الله وليس معنا ماء ، فقال لنا رسول الله : « اطلبوا من معه فضل ماء » قال : فأتي بماء ، فصبه في إناء ، ثم وضع كفه فيه ، فجعل الماء يخرج من بين أصابعه ، ثم قال : « حي على الطهور المبارك ، والبركة من الله عز وجل » ، قال عبد الله : فشربنا منه ، وكنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل
__________
(1) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها
29 - حدثنا جعفر قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبيدة بن حميد ، عن الأسود بن قيس ، عن نبيح بن عبد الله العنزي ، عن جابر بن عبد الله قال : سافرنا مع رسول الله ، وحضرت الصلاة ، فجاء رجل بفضلة من إداوة (1) ، قال : فصبه في قدح ، قال : فتوضأ رسول الله ، ثم إن القوم أتوا ببقية الطهور ، فقال : تمسحوا تمسحوا ، فسمعهم رسول الله ، فقال : « على رسلكم (2) » فضرب رسول الله بيده في القدح ذكر حرفا ذهب علي ، ثم قال : « أسبغوا (3) الطهور » قال : والذي أذهب بصره لقد رأيت الماء يخرج من بين أصابع رسول الله ، قال : فما رفع يده حتى توضئوا أجمعون ، قال الأسود : حسبته قال : « كنا مائتين وزيادة »
__________
(1) الإداوة : إناء صغير من جلد يحمل فيه الماء وغيره
(2) على رسلكم : تمهلوا ولا تعجلوا
(3) إسباغ الوضوء : إتمامه وإكماله واستيعاب أعضائه بالغسل
30 - حدثنا جعفر قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر بن عبد الله ، قال : أصاب الناس عطش يوم الحديبية ، فهش (1) الناس - أو قال : هش الناس - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « فوضع يده في ركوة (2) فرأيت الماء مثل العيون » قال : قلت : كم كنتم ؟ قال : « لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة »
__________
(1) هش : فرح واستبشر
(2) الركوة : إناءٌ صغير من جِلْدٍ للشرب وغيره
31 - حدثنا جعفر قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : سألت جابر بن عبد الله ، عن أصحاب الشجرة ، فقال : « لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا ألفا وخمسمائة » حدثنا جعفر قال : حدثنا محمد بن المثنى ، ومحمد بن بشار ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، فذكر مثله
32 - حدثنا جعفر قال حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال : أخبرني سالم بن أبي الجعد ، قال : قلت لجابر : كم كنتم يوم الشجرة ؟ قال : كنا ألفا وخمسمائة ، وذكر « عطشا أصابهم فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بماء في تور (1) ، فوضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنها العيون ، شربنا وسقينا » قال : قلت : كم كنتم ؟ قال : « لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا ألفا وخمسمائة »
__________
(1) التور : وعاء مصنوع من الحجارة أو غيرها
33 - حدثنا جعفر قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، قال : حدثني سالم بن أبي الجعد ، عن جابر بن عبد الله هذا الحديث ، قال : لقد رأيتني مع رسول الله وقد حضرت العصر ، وليس معنا ماء غير فضلة فجعل في إناء ، فأتي به رسول الله ، فأدخل يده فيه وفرج بين أصابعه ، ثم قال : « حي على الوضوء ، والبركة من الله عز وجل » قال : فلقد رأيت الماء يتفجر ما بين أصابعه ، قال : فتوضأ الناس وشربوا قال : « فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه وعلمت أنه بركة » ، قال : قلت لجابر : كم كنتم ؟ قال : « ألفا وأربعمائة »
34 - حدثنا جعفر قال حدثنا أبو عمران الهيثم بن أيوب الطالقاني سنة خمس وعشرين قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن زياد بن نعيم الحضرمي ، عن زياد بن الحارث الصدائي ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام ، فأخبرت أنه قد بعث جيشا إلى قومي ، فأتيته فقلت : رد الجيش ، وأنا لك بإسلامهم وطاعتهم ، ففعل ، فكتبت إل يهم ، فأتى وفد منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم وطاعتهم ، فقال : « يا أخا صداء إنك المطاع في قومك » ، قلت : بل هداهم الله عز وجل ، وأحسن إليهم ، فقال : « ألا نؤمرك عليهم ؟ » قلت : فاكتب لي بإمارتهم ، وسألته من صدقاتهم ففعل ، وكتب لي بذلك ، وكان يومئذ في بعض أسفاره فنزل منزلا ، فأتاه أهل المنزل يشتكون عاملهم ، وقالوا : أخذنا بما كان بيننا وبين قومهم في الجاهلية ، فقال : « أوفعل ؟ » قالوا : نعم ، فالتفت إلى أصحابه وأنا فيهم ، فقال : « لا خير في الإمارة لرجل مؤمن » ، فوقع ذلك في نفسي ، فأتاه رجل فسأله ، فقال : « من سأل الناس عن ظهر غنى ، فصداع في الرأس ، وداء في البطن » فقال : أعطني من الصدقات ، فقال : « إن الله تعالى لم يرض بالصدقات بحكم نبي ولا غيره حتى جزأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت منها أعطيتك حقك » ثم إن نبي الله صلى الله عليه وسلم اعتشى أول الليل فلزمته وجعل أصحابه ينفتلون حتى لم يبق منهم أحد غيري فلما تحين أذان الصبح ، أمرني فأذنت ، ونزل يتبرز ، وتلاحق أصحابه ثم أقبل ، فقال : « أمعك ماء ؟ » قلت : نعم قليل لا يكفيك ، قال : « صبه في إناء ثم ائتني به » ، فوضع كفه فيه ، فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور ، فقال : « لولا أني أستحيي لسقينا واستقينا ، ناد في أصحابي من كان يريد الماء » فاغترف من أحب ، ثم إن نبي الله قام إلى الصلاة ، فأراد بلال أن يقيم الصلاة ، فقال : « إن أخا صداء هو أذن ومن أذن فهو يقيم » فأقمت ، فلما قضى رسول الله الصلاة أتيته بصحيفتي (1) ، فقلت : أعفني ، قال : « وما بذلك ؟ » قلت : سمعتك تقول : « لا خير في الإمارة لرجل مؤمن » وقد آمنت ، وقلت : « من سأل الناس عن ظهر غنى فصداع في الرأس ، وداء في البطن » ، وقد سألتك وأنا غني ، قال : « هو ذاك فإن شئت فاقبل ، وإن شئت فدع » قلت : بل أدع ، قال : « فدلني على رجل » فدللته على رجل من الوفد ، فقالوا له : إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها فاجتمعنا عليه ، وإذا كان الصيف قل ماؤها فتفرقنا على مياه حولنا ، وإنا لا نستطيع اليوم أن نتفرق ، كل من حولنا عدو ، فادع الله عز وجل أن يسعنا ماؤها ، فدعا بسبع حصيات ، ففرقهن في يده ودعا ، ثم قال : « إذا أتيتموها فألقوا واحدة واحدة ، واذكروا اسم الله عز وجل ، فما استطاعوا أن ينظروا إلى قعرها بعدها حدثنا جعفر قال حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن الجنيد ، قال : حدثنا عبد الله بن نعيم الحضرمي - من أهل مصر - قال : حدثني زياد بن الحارث الصدائي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث ، قال : فأتيت رسول الله فبايعته على الإسلام ، فذكر الحديث نحوه ، وقال : وذلك في بعض أسفاره ثم قال : إن رسول الله اعتشى من أول الليل فلزمته ، وكنت قويا وكان أصحابه ينقطعون عنه ، وذكرنا في الحديث مثله في معناه
__________
(1) الصحيفة : ما يكتب فيه من ورق ونحوه
35 - حدثنا جعفر قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، رضي الله عنه قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في العسكر ماء ، فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ليس في العسكر ماء ، قال : « فعندك شيء ؟ » قال : فأتي بإناء فيه شيء من ماء ، قال : « فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فم الإناء ، وفتح أصابعه فانفجرت من بين أصابعه أعين ، فأمر بلالا رحمه الله فنادى : هلموا (1) إلى الوضوء المبارك »
__________
(1) هلم : اسم فعل بمعنى تعال أو أقبل أو هات
36 - حدثنا جعفر قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا حزم بن أبي حزم ، قال : سمعت الحسن قال : سمعت أنس بن م الك ، يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم لبعض مخارجه ومعه ناس من أصحابه فانطلقوا يسيرون ، وحضرت الصلاة ولم يجد القوم ما يتوضئون ، فقال القوم : يا رسول الله ، ما نجد ما نتوضأ به ، فرأى في وجههم الكراهة لذلك ، فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح من ماء يسير ، فأخذه رسول الله فتوضأ به ، ثم مد أصابعه الأربع على القدح ، ثم قال : « هلموا (1) فتوضئوا » ، فانطلق القوم حتى توضئوا ، قال : وبلغوا سبعين
__________
(1) هلم : اسم فعل بمعنى تعال أو أقبل أو هات